الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.كِتَابُ الضَّحَايَا: قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَا دُونَ الثَّنِيِّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ هَلْ يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنْ الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا، إلَّا الضَّأْنُ وَحْدَهَا فَإِنْ جَذَعَهَا يُجْزِئُ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الضَّحِيَّةَ هَلْ تُجْزِئُ مَنْ ذَبَحَهَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَهْلَ الْبَوَادِي وَأَهْلَ الْقُرَى فِي هَذَا سَوَاءٌ؟قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ إمَامٌ: إنَّهُمْ يَتَحَرَّوْنَ صَلَاةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ وَذَبْحَهُ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تَحَرَّى أَهْلُ الْبَوَادِي النَّحْرَ فَأَخْطَئُوا فَذَبَحُوا قَبْلَ الْإِمَامِ لَمْ أَرَ عَلَيْهِمْ إعَادَةً إنْ تَحَرَّوْا ذَلِكَ وَرَأَيْتُ ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُمْ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ذَبَحُوا بَعْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ الْإِمَامُ أَيُجْزِئُهُمْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا يُجْزِئُهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَذْبَحُونَ إلَّا بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ عِنْدَ مَالِكٍ وَهَذَا فِي الْمَدَائِنِ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ مَكْسُورَةَ الْقَرْنِ هَلْ تُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ لَا تَدْمَى.قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ لَا تَدْمَى أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ مَكْسُورَةَ الْقَرْنِ قَدْ بَدَا ذَلِكَ وَانْقَطَعَ الدَّمُ وَجَفَّ أَيَصْلُحُ هَذَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ، إذَا بَرِئَتْ، إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ تَدْمَى بِحِدْثَانِ ذَلِكَ.قُلْتُ: لِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ إذَا كَانَتْ تَدْمَى؟قَالَ: لِأَنَّهُ رَآهُ مَرَضًا مِنْ الْأَمْرَاضِ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ أَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخْرِجَ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى فَإِنْ صَلَّى ذَبَحَهَا مَكَانَهُ كَيْمَا تَذْبَحَ النَّاسُ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا أَوْجَهُ الشَّأْنِ أَنْ يُخْرِجَ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى فَيَذْبَحَهَا فِي الْمُصَلَّى.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجَرْبَاءَ هَلْ تُجْزِئُ؟قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَرِيضَةِ الْبَيِّنِ مَرَضُهَا أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْحُمْرَةِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ.قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا الْحُمْرَةُ؟قَالَ: الْبَشْمَةُ.قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ صَارَ مَرَضًا فَالْجَرَبُ إنْ كَانَ مَرَضًا مِنْ الْأَمْرَاضِ لَمْ تَجُزْ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْهَدْيَ التَّطَوُّعَ أَيُجْزِئُ أَنْ أَسُوقَهُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ.قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُشْتَرَكُ فِي الْهَدْيِ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَشْتَرِي الْأُضْحِيَّةَ فَيُرِيدُ أَنْ يُبْدِلَهَا؟ أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُبْدِلُهَا إلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا.قُلْتُ: فَإِنْ بَاعَهَا فَاشْتَرَى دُونَهَا مَا يَصْنَعُ بِهَا وَمَا يَصْنَعُ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَفْضِلَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا.وَذَكَرْتُ لَهُ الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: يَشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ شَاةً وَاحِدَةً.قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِالثَّمَنِ شَاةً مِثْلَهَا كَيْفَ يَصْنَعُ؟قَالَ: أَرَى أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى يَشْتَرِيَ مِثْلَهَا.قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.قُلْتُ: هَلْ سَأَلْتَ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ أُضْحِيَّتِهِ أَحَبُّ إلَيْهِ أَمْ يَشْتَرِي أُضْحِيَّةً؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِمَنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ أَفَتُجْزِئُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟قَالَ: نَعَمْ.قَالَ مَالِكٌ: وَلَكِنْ إذَا كَانَ يَقْدِرُ فَأَحَبُّ إلَيَّ إلَى أَنْ يَذْبَحَ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ شَاةً وَإِنْ ذَبَحَ شَاةً وَاحِدَةً عَنْ جَمِيعِهِمْ أَجْزَأَهُ.قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَحَبُّ إلَيَّ لِمَنْ كَانَ يَقْدِرُ.قُلْتُ: هَلْ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ امْرَأَتِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَيْسَ الْأُضْحِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأُضْحِيَّةَ إذَا وَلَدَتْ مَا يَصْنَعُ بِوَلَدِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: كَانَ مَرَّةً يَقُولُ: إنْ ذَبَحَهُ فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا، لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَ أُمِّهِ إنْ هَلَكَتْ، فَلَمَّا عَرَضْتُهُ عَلَى مَالِكٍ قَالَ: اُمْحُ وَاتْرُكْ مِنْهَا إنْ ذَبَحَهُ مَعَهَا فَحَسَنٌ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَدَنَةَ إذَا أَشْعَرَتْ ثُمَّ نَتَجَتْ أَيُذْبَحُ سَخْلَهَا مَعَهَا؟قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْبَدَنَةِ وَالضَّحِيَّةِ، أَنَّ الْبَدَنَةَ لَوْ أَصَابَهَا عُوَارٌ أَوْ نَقْصٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَدَلُهَا، وَأَنَّ الشَّاةَ لَوْ أَصَابَهَا عُوَارٌ أَوْ نَقْصٌ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الشَّاةَ هُوَ يَبِيعُهَا وَيُبْدِلُهَا وَيَذْبَحُ غَيْرَهَا وَأَنَّ الْبَدَنَةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا أَنْ يَحْبِسَهَا وَلَا أَنْ يُبْدِلَهَا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأُضْحِيَّةَ أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَجُزَّ صُوفَهَا قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ جِلْدَ الضَّحِيَّةِ أَوْ صُوفَهَا أَوْ شَعَرَهَا هَلْ يَشْتَرِي بِهِ مَتَاعًا لِلْبَيْتِ أَوْ يَبِيعُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا وَلَا يَبِيعُهُ وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ.وَلَقَدْ سَأَلْنَاهُ عَنْ الرَّجُلِ يُبْدِلُ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ بِجِلْدٍ آخَرَ أَجْوَدَ مِنْهُ.قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ.قَالَ: وَلَوْ أَجَزْت لَهُ هَذَا لَأَجَزْت لَهُ أَنْ يُبْدِلَهُ بِقُلَنْسِيَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَبَنَ الْأُضْحِيَّةِ مَا يَصْنَعُ بِهِ؟قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَدْ كَرِهَ لَبَنَ الْبَدَنَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهَا بَعْدَ رِيِّ فَصِيلِهَا.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى إنْ كَانَتْ الضَّحِيَّةُ لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِهَا فَلْيَحْلُبْهُ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ، وَلَوْ أَكَلَهُ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ بَأْسًا وَإِنَّمَا رَأَيْت أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا يَجُزُّ صُوفَهَا، وَصُوفُهَا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بَعْدَ ذَبْحِهَا فَهُوَ لَا يُجَوِّزُ لَهُ جَزَّهُ قَبْلَ ذَبْحِهَا وَيَنْتَفِعُ بِهِ، فَكَذَلِكَ لَبَنُهَا عِنْدِي مَا لَمْ يَذْبَحْهَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَيْنَ إذَا كَانَ فِيهَا نَقْصٌ هَلْ يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الْبَيَاضُ أَوْ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ لَيْسَ عَلَى النَّاظِرِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأُذُنَ إذَا قُطِعَ مِنْهَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ إنَّمَا قُطِعَ مِنْهَا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ أَوْ أَثَرُ مِيسَمٍ أَوْ شَقٌّ فِي الْأُذُنِ يَكُونُ يَسِيرًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَذَعَهَا أَوْ قَطَعَ جُلَّ أُذُنَيْهَا فَلَا أَرَى ذَلِكَ.قُلْتُ: وَلَمْ يُوَقِّتْ لَكُمْ فِي الْأُذُنِ نِصْفًا مِنْ ثُلُثٍ؟قَالَ: مَا سَمِعْتُهُ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَرْجَاءَ الَّتِي لَا تَجُوزُ؟ صِفْهَا لِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ.قَالَ: الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا هَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّك عَلَى مَا يَجُوزُ مِنْهَا.قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْخَفِيفُ الَّذِي لَا يُنْقِصُ مَشْيَهَا وَلَا تَعَبَ عَلَيْهَا فِيهِ وَهِيَ تَسِيرُ بِسَيْرِ الْغَنَمِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ، فَأَرَى ذَلِكَ خَفِيفًا كَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت أُضْحِيَّةً وَهِيَ سَمِينَةٌ، فَعَجِفَتْ عِنْدِي أَوْ أَصَابَهَا عَمًى أَوْ عَوَرٌ، أَيُجْزِئُنِي أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُك.وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأَصَابَهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ أَوْ اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَمْ يُجْزِهِ، فَهِيَ لَا تُجْزِئُهُ إذَا كَانَ أَصَابَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.قُلْتُ: لِمَ قَالَ مَالِكٌ هَذَا فِي الضَّحَايَا؟ وَقَالَ فِي الْهَدْيِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا اشْتَرَاهَا صَحِيحَةً ثُمَّ عَمِيَتْ أَنْ يَنْحَرَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ.قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الضَّحَايَا وَالْهَدْيِ.قَالَ: لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْهَدْيَ إذَا ضَلَّ مِنْهُ ثُمَّ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَحَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَا أَبْدَلَ مَكَانَهُ يَضَعُ عَنْهُ نَحَرَهُ.قَالَ: وَإِنَّ الضَّحِيَّةَ لَوْ ضَلَّتْ مِنْهُ ثُمَّ أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا ثُمَّ أَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ذَبْحُهَا وَكَانَتْ مَالًا مِنْ مَالِهِ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يُبْدِلْ أُضْحِيَّتَهُ هَذِهِ الَّتِي ضَاعَتْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ثُمَّ أَصَابَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ كَيْفَ يَصْنَعُ بِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ إذَا وَجَدَهَا وَقَدْ ضَحَّى بِبَدَلِهَا: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا، فَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهَا إذَا أَصَابَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ أَبْدَلَهَا وَقَدْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ تَرَكَ الْأُضْحِيَّةَ.قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا فَلَمْ يُضَحِّ بِهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ وَلَمْ تَضِلَّ مِنْهُ؟قَالَ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ أَثِمَ حِينَ لَمْ يُضَحِّ بِهَا.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سُرِقَتْ أُضْحِيَّتَهُ أَوْ مَاتَتْ أَعَلَيْهِ الْبَدَلُ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا ضَلَّتْ أَوْ مَاتَتْ أَوْ سُرِقَتْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ أُضْحِيَّةً أُخْرَى.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرَادَ ذَبْحَ أُضْحِيَّتِهِ فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ اضْطَرَبَتْ فَأَصَابَ السِّكِّينُ عَيْنَهَا فَذَهَبَ عَيْنُهَا أَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَهَا وَإِنَّمَا أَصَابَهَا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الذَّبْحِ؟قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا إلَّا مَا أَخْبَرْتُك وَأَرَى أَنْ لَا يُجْزِئَ عَنْهُ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّاةَ تُخْلَقُ خَلْقًا نَاقِصًا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُ إلَّا أَنْ تَكُونَ جَلْحَاءَ أَوْ سَكَّاءَ، وَالسَّكَّاءُ الَّتِي لَهَا أُذُنَانِ صَغِيرَانِ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَنَحْنُ نُسَمِّيهَا الصَّمْعَاءُ.قَالَ: وَأَمَّا إنْ خُلِقَتْ بِغَيْرِ أُذُنَيْنِ خَلْقًا نَاقِصًا فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ذَبَحَ رَجُلٌ أُضْحِيَّتِي عَنِّي بِغَيْرِ إذْنِي أَيُجْزِئُنِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى إنْ كَانَ مِثْلَ الْوَلَدِ وَعِيَالِهِ الَّذِينَ إنَّمَا ذَبَحُوهَا لَهُ لِيَكْفُوهُ مَئُونَتَهَا فَأَرَى ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِ.قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ غَلِطْنَا فَذَبَحَ صَاحِبِي أُضْحِيَّتِي وَذَبَحْت أَنَا أُضْحِيَّتَهُ أَيُجْزِئُ عَنَّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا يُجْزِئُ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِأُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُسَافِرَ هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمُسَافِرُ وَالْحَاضِرُ فِي الضَّحَايَا وَاحِدٌ قُلْتُ: أَفَعَلَى أَهْلِ مِنًى أَنْ يُضَحُّوا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى الْحَاجِّ أُضْحِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ سَاكِنِي مِنًى بَعْدَ أَنْ يَكُونَ حَاجًّا.قُلْتُ: فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَيْهِمْ الْأَضَاحِيّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا الْحَاجَّ؟قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: فَهَلْ عَلَى الْعَبِيدِ أَضَاحِيُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ، فَالْعَبِيدُ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَالْعَبِيدُ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أُضْحِيَّةٌ.قُلْتُ: أَرَأَيْت مَا فِي الْبَطْنِ هَلْ يُضَحَّى عَنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَيَّامَ النَّحْرِ كَمْ هِيَ؟قَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، يَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَيَّامِ الذَّبْحِ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ بِمِنًى فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَيَّامِ الذَّبْحِ.قُلْتُ: أَفَيُضَحَّى لَيْلًا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُضَحَّى لَيْلًا وَمَنْ ضَحَّى لَيْلًا فِي لَيَالِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَعَادَ أُضْحِيَّتَهُ.قُلْتُ: فَإِنْ نَحَرَ الْهَدَايَا لَيْلًا أَيُعِيدُهَا أَمْ لَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَحَرَ هَدْيَهُ لَيْلَةَ النَّحْرِ أَعَادَهَا وَلَمْ تُجْزِهِ.قُلْتُ: فَإِنْ نَحَرَهَا فِي لَيَالِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ؟قَالَ: أَرَى عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} فَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ الْأَيَّامَ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّيَالِيَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ هَذَا فِي كِتَابِهِ فِي الْهَدَايَا فِي أَيَّامِ مِنًى.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كُلَّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ أَعَلَيْهِمْ أَنْ يُجْمِعُوا فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْتُ: فَأَهْلُ مِنًى لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ.قَالَ: نَعَمْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الْعِيدِ عِنْدَ مَالِكٍ.قُلْتُ: أَرَأَيْت الْأَبْرِجَةَ هَلْ يُصَادُ حَمَامُهَا أَوْ يُنْصَبُ لَهَا أَوْ يُرْمَى؟قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَمَامِ الْأَبْرِجَةَ إذَا دَخَلَتْ حَمَامُ هَذَا الْبُرْجِ فِي حَمَامِ هَذَا الْبُرْجِ أَوْ حَمَامُ هَذَا فِي حَمَامِ هَذَا.قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يَرِدَ حَمَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى بُرْجِهِ رُدَّ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَطَاعُ لَمْ أَرَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَأَرَى أَنْ لَا يُصَادَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَمَنْ صَادَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ يُعَرِّفَهُ وَلَا يَأْكُلَهُ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَجْبَاحَ إذَا نُصِبَتْ فِي الْجِبَالِ فَيَدْخُلهَا النَّحْلُ لِمَنْ يَكُونُ النَّحْلُ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هِيَ لِمَنْ وَضَعَ الْأَجْبَاحَ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَادَ طَيْرًا فِي رِجْلَيْهِ سِبَاقَانِ بَازًا أَوْ عُصْفُورًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ صَادَ ظَبْيًا فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ أَوْ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ؟قَالَ: يُعَرِّفُهُ وَيَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا كَانَ هُرُوبُهُ مِنْ صَاحِبِهِ لَيْسَ بِهُرُوبِ انْقِطَاعٍ وَلَا تَوَحُّشٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ هُرُوبًا قَدْ نَدَّ وَتَوَحَّشَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ.وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ.قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الَّذِي صَادَهُ: لَا أَدْرِي مَتَى ذَهَبَ مِنْك؟ وَقَالَ الَّذِي هُوَ لَهُ: إنَّمَا ذَهَبَ مُنْذُ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الَّذِي صَادَهُ وَعَلَى الَّذِي هُوَ لَهُ الْبَيِّنَةُ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلْت بَازًا مُعَلَّمًا مَا عَلَيَّ فِي الْغُرْمِ لِصَاحِبِهِ أَوْ فِي الْكَفَّارَةِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ خَالِقِي إذَا كُنْتُ مُحْرِمًا؟قَالَ: يَكُونُ عَلَيْكَ لِصَاحِبِهِ قِيمَتُهُ مُعَلَّمًا وَيَكُونُ عَلَيْكَ فِي الْفِدْيَةِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُعَلَّمٍ وَلَكِنْ عِدْلُهُ فِي كَثْرَةِ لَحْمِهِ كَمَا يَقُومُ غَيْرُهُ مِنْ الْوَحْشِيَّةِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْكَ قِيمَتُهُ مُقَطَّعًا.قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٌ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْكِلَابَ هَلْ يُجِيزُ مَالِكٌ بَيْعَهَا؟قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا.قُلْتُ: وَلَا السَّلَالِقَةُ؟قَالَ: نَعَمْ لَا يُجِيزُ بَيْعَهَا سَلُوقِيَّةً وَلَا غَيْرَهَا.قُلْتُ: أَفَيُجِيزُ مَالِكٌ بَيْعَ الْهِرِّ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْتُ: أَفَيُجِيزُ بَيْعَ السِّبَاعِ أَحْيَاءِ النُّمُورِ وَالْفُهُودِ وَالْأُسُدِ وَالذِّئَابِ وَمَا أَشْبَهَهَا؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا؟ وَلَكِنْ إنْ كَانَتْ تُشْتَرَى وَتُذَكَّى لِجُلُودِهَا، فَلَا أَرَى بَأْسًا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا ذُكِّيَتْ السِّبَاعُ فَلَا أَرَى بِالصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِهَا وَلَا بِلُبْسِهَا بَأْسًا.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا ذُكِّيَتْ لِجُلُودِهَا لَمْ يَكُنْ بِبَيْعِ جُلُودِهَا بَأْسٌ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كَلْبَ الدَّارِ إذَا قَتَلَهُ رَجُلٌ أَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كِلَابُ الدُّورِ تُقْتَلُ وَلَا تُتْرَكُ فَكَيْفَ يَكُونُ عَلَى هَذَا قِيمَةٌ؟قُلْت: فَكَلْبُ الزَّرْعِ وَكَلْبُ الْمَاشِيَةِ وَكَلْبُ الصَّيْدِ إنْ قَتَلَهَا أَحَدٌ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ؟قَالَ: نَعَمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي نَصْرَانِيٍّ بَاعَ خَمْرًا بِدِينَارٍ أَنَّهُ كَرِهَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَسَلَّفَ ذَلِكَ الدِّينَارَ مِنْهُ وَكَرِهَ أَنْ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ الدِّينَارِ شَيْئًا أَوْ يُعْطِيَهُ فِيهِ دَرَاهِمَ وَيَأْخُذَ ذَلِكَ الدِّينَارَ مِنْهُ.قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ النَّصْرَانِيُّ بِذَلِكَ الدِّينَارِ.قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَقْتَضِيَ ذَلِكَ الدِّينَارَ مِنْ دَيْنٍ لَك عَلَيْهِ.قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ بَيْنَ الدَّيْنِ إذَا قَضَانِي الدِّينَارَ وَإِذَا وَهَبَهُ لِي أَوْ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَمَرَ أَنْ تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ صَيْدَ الْحَرَمِ حَمَامَهُ وَغَيْرَ حَمَامِهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ أَيُصَادُ أَمْ لَا؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَكْرَهُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ أَنَّهُ يَكْرَهُهُ، وَلَا أَرَى أَنَا بِهِ بَأْسًا أَنْ يَصِيدَهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ وَهُوَ فِي الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ أَيَأْكُلُهُ أَمْ لَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَا يَأْكُلُهُ.قُلْتُ: وَكَذَا إنْ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْحِلِّ وَالصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ؟قَالَ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ.قُلْتُ: وَالْأَوَّلُ الَّذِي رَمَى مِنْ الْحَرَمِ وَالصَّيْدُ فِي الْحِلِّ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى عَلَيْهِ الْجَزَاءَ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا صِيدَ فِي الْحِلِّ فَأُدْخِلَ الْحَرَمَ أَيُؤْكَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّجَرَةَ يَكُونُ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ وَغُصُونُهَا فِي الْحِلِّ فَيَقَعُ طَيْرٌ عَلَى غُصْنِهَا الَّذِي فِي الْحِلِّ فَرَمَاهُ رَجُلٌ أَيَأْكُلُهُ أَمْ لَا؟قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْهَا فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ فِيهَا.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى أَنَا بِهِ بَأْسًا وَيُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ إذَا كَانَ الْغُصْنُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّيْرُ وَاقِعًا قَدْ خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ فَصَارَ فِي الْحِلِّ.قال سَحْنُونٌ: أَنَا أُحَرِّمُ أَكْلَهُ وَلَا أَرَى أَنْ يُؤْكَلَ لِأَنَّ أَصْلَهُ فِي الْحَرَمِ وَلِأَنَّهُ مُسْتَأْنِسٌ بِهِ..كِتَابُ الْعَقِيقَةِ: قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْعَقِيقَةِ بِالْعُصْفُورِ، فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَمَا تَكُونُ الذَّبَائِحُ إلَّا مِنْ الْأَنْعَامِ.قَالَ: وَالْعَقِيقَةُ مُسْتَحَبَّةٌ لَمْ تَزَلْ مِنْ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَا سُنَّةٍ لَازِمَةٍ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا، وَقَدْ عُقَّ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ابْنَيْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ يُجْزِئُ فِيهَا مِنْ الذَّبَائِحِ إلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ، لَا يُجْزِئُ فِيهَا عَوْرَاءُ وَلَا عَرْجَاءُ وَلَا جَرْبَاءُ وَلَا مَكْسُورَةٌ وَلَا نَاقِصَةٌ وَلَا يَجُزُّ صُوفَهَا وَلَا يَبِيعُ جِلْدَهَا وَلَا شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا.يَتَصَدَّقُ مِنْهَا وَسَبِيلُ الْعَقِيقَةِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِهَا وَقْتُ ذَبْحِهَا وَقْتُ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ ضُحًى فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ مَوْلِدِ الصَّبِيِّ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ يَعُقُّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِشَاةٍ شَاةٍ.وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُولَدُ لَهُ الْوَلَدَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَيَعُقُّ عَنْهُمَا بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ؟فَقَالَ: بَلْ شَاةٍ شَاةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا..كِتَابُ النُّذُورِ الْأَوَّلُ: .(في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ثم يحنث): قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ عَلِيّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَكَلَّمَهُ مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَلَّمَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ إلَى مَكَّةَ.قُلْتُ: وَيَجْعَلُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ إنْ شَاءَ حَجَّةً وَإِنْ شَاءَ عُمْرَةً؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْتُ: فَإِنْ جَعَلَهَا عُمْرَةً فَحَتَّى مَتَى يَمْشِي؟قَالَ: حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.قُلْتُ: فَإِنْ رَكِبَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ بَعْدَمَا سَعَى فِي عُمْرَتِهِ الَّتِي حَلَفَ فِيهَا أَيَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمَشْيُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عِنْدَ مَالِكٍ.قُلْتُ: فَإِنْ جَعَلَهَا حَجَّةً فَإِلَى أَيِّ الْمَوَاضِعِ يَمْشِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.قُلْتُ: فَإِذَا قَضَى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَيَرْكَبُ رَاجِعًا إلَى مِنًى فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ فَعَلَ الْمَشْيَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ فِي حَجِّهِ فَمَشَى حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَأَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى، أَيَرْكَبُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَفِي حَوَائِجِهِ بِمِنًى فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرْكَبُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ.قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ فِي حَوَائِجِهِ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَشَى فِيمَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَرَكِبَ فِي حَوَائِجِهِ أَوْ رَجَعَ مِنْ الطَّرِيقِ فِي حَاجَةٍ لَهُ ذَكَرَهَا فِيمَا قَدْ مَشَى.قَالَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ فِيهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي نُحِبُّ وَنَأْخُذُ بِهِ.قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَسْأَلُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ مِائَةَ مَرَّةٍ إلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ سَالِمٌ: لِيَمْشِ مِائَةَ مَرَّةٍ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ.قَالَ: أَرَى أَنْ يُوفِيَ بِنَذْرِهِ وَذَلِكَ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ الصَّالِحُونَ وَيَأْمُرُونَ بِهِ وَيَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ إذَا قَالُوا غَيْرَ ذَلِكَ لِمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرَ وَفَاءِ الَّذِي جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الَّذِي يَحْلِفُ بِنُذُورٍ مُسَمَّاةٍ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ بِكَذَا وَكَذَا نَذْرًا لِشَيْءٍ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ.وَلَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ لَعَرَفَ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ عُمْرُهُ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ.فَقِيلَ لَهُ هَلْ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ نَذْرٌ وَاحِدٌ أَوْ نُذُورٌ مُسَمَّاةٌ؟فَقَالَ: مَا أَعْلَمُهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْوَفَاءُ بِمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ وَلْيَتَقَرَّبْ إلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ الْخَيْرِ، وَقَالَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَحْلِفَانِ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، إنَّهُ مَنْ مَشَى لَمْ يَزَلْ يَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِذَا سَعَى فَقَدْ فَرَغَ إنْ كَانَ مُعْتَمِرًا وَإِنْ كَانَ حَاجًّا لَمْ يَزَلْ يَمْشِي حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْإِفَاضَةِ فَقَدْ فَرَغَ وَتَمَّ نَذْرُهُ.قَالَ اللَّيْثُ: مَا رَأَيْتُ النَّاسَ إلَّا عَلَى ذَلِكَ.قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ إذَا هُوَ خَرَجَ مَاشِيًا فِي مَشْيٍ وَجَبَ عَلَيْهِ، أَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ فِي الْمَنَاهِلِ فِي حَوَائِجِهِ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ فِي حَوَائِجِهِ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَيْسَ حَوَائِجُهُ فِي الْمَنَاهِلِ مِنْ مَشْيِهِ.قُلْتُ لَهُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا ذَكَرَ حَاجَةً نَسِيَهَا أَوْ سَقَطَ بَعْضُ مَتَاعِهِ أَيَرْجِعُ فِيهَا رَاكِبًا؟قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.قُلْتُ لَهُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا ذَكَرَ حَاجَةً نَسِيَهَا أَوْ سَقَطَ بَعْضُ مَتَاعِهِ أَيَرْجِعُ فِيهَا رَاكِبًا؟قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.قُلْتُ: وَهَلْ يَرْكَبُ إذَا قَضَى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ بِمِنًى؟قَالَ: نَعَمْ، وَفِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ إذَا قَضَى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إلَى مِنًى.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ رَكِبَ فِي الْإِفَاضَةِ وَحْدَهَا وَقَدْ مَشَى فِي حَجِّهِ كُلِّهِ، أَيَجِبُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ دَمٌ أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدَةُ ثَانِيَةً حَتَّى يَمْشِيَ مَا رَكِبَ؟قَالَ: أَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ.قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لَنَا: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرِضَ فِي مَشْيِهِ فَرَكِبَ الْأَمْيَالَ أَوْ الْبَرِيدَ أَوْ الْيَوْمَ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ ثَانِيَةً لِرُكُوبِهِ ذَلِكَ وَرَأَيْتُ أَنْ يُهْدِيَ هَدْيًا وَيُجْزِئُ عَنْهُ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَكَّةَ حَاجًّا فِي مَشْيٍ عَلَيْهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ خَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ رَاكِبًا وَشَهِدَ الْمَنَاسِكَ وَأَفَاضَ رَاكِبًا.قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَحُجَّ الثَّانِيَةَ رَاكِبًا حَتَّى إذَا دَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ وَسَعَى، خَرَجَ مَاشِيًا حَتَّى يُفِيضَ فَيَكُونَ قَدْ رَكِبَ مَا مَشَى وَمَشَى مَا رَكِبَ.قِيلَ لِمَالِكٍ: أَفَتَرَى عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ؟قَالَ: إنِّي أُحِبُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوجِبَهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَهُ مِثْلَ الَّذِي رَكِبَ فِي الطَّرِيقِ الْأَمْيَالَ مِنْ مَرَضٍ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا قَالَ الْإِنْسَانُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ، فَهَذَا نَذْرٌ فَلْيَمْشِ إلَى الْكَعْبَةِ.قَالَ: وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ.قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ.قَالَ: قُلْتُ لِرَجُلٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ: لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ يَقُولُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَا يُسَمِّي نَذْرًا شَيْءٌ فَقَالَ لِي رَجُلٌ: هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا الْجِرْوَ لِجِرْوِ قِثَّاءٍ هُوَ فِي يَدِهِ وَتَقُولَ: عَلَيَّ مَشْيٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ؟ فَقُلْتُ: فَمَكَثْتُ حِينًا حَتَّى عَقَلْتُ، فَقِيلَ لِي إنَّ عَلَيْكَ مَشْيًا.فَجِئْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: عَلَيْكَ مَشْيٌ فَمَشَيْتُ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ ذَلِكَ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ مِثْلَهُ.قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ.قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي كَذَا وَكَذَا شَهْرًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ فَاحْتَمَلَهُ أَصْحَابُهُ فَأَدْخَلُوهُ عَلَى أَبِيهِ فَقَالَ: احْتَمَلَنِي أَصْحَابِي قَالَ: لِيَمْشِ إلَى الْكَعْبَةِ.قال سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ لَكَ هَذَا حُجَّةً عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ بِالْمَشْيِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ فَفَعَلَهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي لَأَقُولُ إنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَانِثٍ.قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ ذَكَرَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سُئِلَ إبْرَاهِيمُ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالْمَشْيِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى رَجُلٍ فَاحْتُمِلَ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ يَعْنِي الْمَشْيَ.قال سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا كُتِبَ هَذَا أَيْضًا حُجَّةً وَلَا نَأْخُذُ بِهِ..(الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَيَحْنَثُ): الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَيَحْنَثُ مِنْ أَيْنَ يُحْرِمُ وَمِنْ أَيْنَ يَمْشِي أَوْ يَقُولُ: إنْ كَلَّمْتُهُ فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَيَحْنَثُ.قَالَ مَالِكٌ: يَمْشِي مِنْ حَيْثُ حَلَفَ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ نَوَى قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَمَنْزِلُهَا بِمُرَّانَ فَتَحَوَّلَتْ إلَى الْمَدِينَةِ؟قَالَ: لِتَرْجِعْ فَلْتَمْشِ مِنْ حَيْثُ حَلَفَتْ.قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَتَبَ إلَيْهِ يَقُولُ مَا نَرَى الْإِحْرَامَ عَلَى مَنْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ مِنْ بَلَدٍ إذَا مَشَى مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَنْهَلَ الَّذِي وُقِّتَ لَهُ..(فيمن قال إن كلمت فلانا فأنا محرم): قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْحَجَّةُ فَإِنْ حَنِثَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ تَلْزَمْهُ حَتَّى تَأْتِيَ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَيُحْرِمَ بِهَا إذَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ مُحْرِمٌ مِنْ حِينِ حَنِثَ فَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ حِينَ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ.قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَإِنِّي أَرَى الْإِحْرَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا حِينَ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ وَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجِدَ مَنْ يَصْحَبُهُ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى يَجِدَ إنْسًا وَصَحَابَةً فِي طَرِيقِهِ فَإِذَا وَجَدَهُمْ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ.قُلْتُ: فَمِنْ أَيْنَ يُحْرِمُ أَمِنَ الْمِيقَاتِ أَمْ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَا يُؤَخِّرُ إلَى الْمِيقَاتِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى الْمِيقَاتِ فِي الْحَجِّ لَكَانَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ.وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ إذَا حَنِثَ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ وَلَا مَنْ يَسْتَأْنِسُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَخَّرَ حَتَّى يَجِدَ.فَهَذَا يَدُلُّك فِي الْحَجِّ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ حَلَفَ إذْ جَعَلَهُ مَالِكٌ فِي الْعُمْرَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْ حَيْثُ حَلَفَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ حِينَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ؟قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا يَوْمَ يُكَلِّمُهُ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أُحْرِمُ بِحَجَّةٍ أَهُوَ مِثْلُ الَّذِي قَالَ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ؟قَالَ: نَعَمْ. هُوَ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أَحُجُّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ؟قَالَ: أَرَى قَوْلَهُ فَأَنَا أَحُجُّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنَّهُ إذَا حَنِثَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ فَعَلَيَّ حَجَّةٌ إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أَمْشِي إلَى مَكَّةَ، أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ، فَهُمَا سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَأَنَا أَحُجُّ، أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ، هُوَ مِثْلُ فَأَنَا أَمْشِي، أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ فَعَلْتُ أَوْ أَنَا أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ فَعَلْتُ فَحَنِثَ إنَّ عَلَيْهِ الْمَشْيَ وَهُمَا سَوَاءٌ.قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَأَنَا أَحُجُّ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ.قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ لِلَّهِ عَلِيَّ حَجَّةٌ أَهُمَا سَوَاءٌ وَتَلْزَمُهُ الْحَجَّةُ؟قَالَ: نَعَمْ.قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: إذَا قَالَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ مُحْرِمٌ فَحَنِثَ فَإِذَا دَخَلَ شَوَّالٌ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِذَا قَالَ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ مُحْرِمٌ فَيَوْمَ يَفْعَلُهُ فَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: إذَا قَالَ: إنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ فَلْيُحْرِمْ إنْ شَاءَ مِنْ عَامِهِ وَإِنْ شَاءَ مَتَى تَيَسَّرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ يَوْمَ أَفْعَلُ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ يَوْمئِذٍ مُحْرِمٌ.قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ.
|